سر برهومة



 

سكة "برهومه"هي أيضا رحلتنا معه،

بيد أنّا نحيا الآن عصر الهندسة الوراثية والاستنساخ ، عصر النسبية الحائرة بين اليأس والاستسلام واللامبالاة ، فلا أحد ينكر وطأة الظلم والقهر والعنف المحيط بعالمنا اليوم ، ولا أحد ينكر حجم المسؤولية الجسيمة التي أُلقيت علينا ولن نستطيع الفرار منها ، ولا ينكر أيضًا مدى خطورة أي اختيار ولا أي عمل نقوم به بغض النظر عن قدر قناعتنا به ، فلن يترتب على ما نفعله اليوم مصيرنا وحدنا بل ومصاير الآخرين معنا وإن كانوا دائما بعيدين عنا.

إن قوي الخير وإن كانت محدودة إلا أنها موجودة في كل بقعة من بقاع الأرض، لذا فعليها أن تقاوم باستمرار "بركة الطين" التي تسعي دائما لتزييف الحقائق وتحويلها إلى أباطيل ، فظاهر الأمر أن للشر وسائل متعددة وأساليب متنوعة ولكن الحقيقة تؤكد لنا أن للخير قوى ذاتية تشيعه وتنشره في جميع أرجاء الكون .هذه هي سكة "برهومه" وهي ايضا رحلتنا معه، رحلة الإنسان الخالدة منذ بدآ الخليقة بحثًا عن طريق النجاة من براثن الشر كي يصل إلي ينابيع السعادة والحرية الكامنة في داخلة .


اقرأ سر برهومة كاملا - PDF
"إهداء من الكاتب للقراء العرب"

 

 

هذه الأجواء والتفاعلات التي تحيط بنا من كل جانب استطاع غنيم أن يرصدها كلها ويصوغها لنا في إطار دقيق من الرمزية سوف يتلمسها القارئ بين دفتي هذا الكتاب .
 إن في داخل كل فرد منا "إنسان من طين" ونقطة بيضاء تشبه حمامة ناصعة غلبها النعاس فوق فرع شجرة فإنسان الطين يمثل العنصر التالف من الإنسانية سواء علي مستوي الفرد أو علي  مستوي المجتمع ،هو منطقة الظل التي تسكن فيها صنوف الشر من عنف وقهر وعنصرية ولامبالاة، هو الجسد بلا روح كما تصوره بعض المعتقدات الأفريقية (التي تحدث عنها الأديب "ليونارد جادزولا" في كتابه حكايات افريقية علي المسرح وهو نبت الكراهية وثمر الحسد وحصاد الصراعات) ليس معنى هذا أن نفقد الآمل وأن نكف عن البحث عن طريق السعادة وطريق الحرية، فلو آنا أمعنّا النظر جيدا لأدركنا ان الخير مازال يحيي بيننا، في داخلنا، هو تلك "النقطة البيضاء" القادرة علي نثر الحب ونشر الأمل تماماَ مثل حمامة السلام .

 




سر برهومة - 1997 (أخبار اليوم)